Connect with us

أقلام الأرض

ماما … بقلم الابن: ربيع أبو حسان

Published

on

في حياتي جُمَلٌ لازَمَت أيامي كالابتهال إلى الله فور الاستيقاظ وبعد الطعام ومع هدْل الحمام وبخضم الآلام … لكن … ثمة كلمة لا أحتاج لذِكْرها حينونةً! “يا إِمِّي” … أُم ربيع سيدة من نُدرةٍ عزَّ نظيرها … ملاكٌ لا يقبل الشّبَه … مؤمنةٌ أنهكَت الوَرَعَ لشدة تقواها … وقلبها الرَّحْبُ يتّسع لألف أرض … دعواها فائقة الاستجابة فيما صوتها يفيض بالمقامات التي لم تكتشفها الذاكرة الموسيقية البشرية ولن تقوى حناجر أعتى مغنّي العالم على تقمّصه … سيدة أخذت الفرَادةُ من شكلها شكلًا جديدًا فتفرّدت بنفسها دون نسوة الخليقة … أمي حين تتكلم أتخلى عن مبادئي وفاءً لطاعتها وأُسلّم روحي لقابضها إن كان شَرطًا لضمانة أن أعيش سائر عمري متنعّمًا بسماعها … وَجهُهَا من نور أفتقدهُ في حَوالِكِ غربتي … وجواز سفري إلى حيث أَرضَا … ما حطت يدها في تربة إلّا واخضرّ موضعها وحين تتنهد تقترح الجبال أن تَنْهَدَّ لتَقِيها الهَمَّ … سَيرُها خُطًى واثقة ونظرتها لما بعدُ هي حياةٌ بحد ذاتها … في ثوابِتِي اقول يا إمّي ومع تبدّلاتي لا بديل لي عنها كلمة … أمّي حَبيبةُ المَزَارِعِ وديمومة الشجر … وامتداد الندى الذي ترتديه فوضى القمح … أمّي جِبِلَّةُ الخير الذي لا خير لحياتي دونه … وضربٌ من المعجزات التي نعجز عن تخيّلها … عيناها الخضراوان شجرتان نضرتان في وسط صحراء تستظل بهما أحياء الدّنيا وهي بداية الاتّصال الروحي الذي يستشعر الخطر قبل أن يحيقني … بينما تتفاداها الاخطار لأجل أن تبقى صامدة كَرَامَةً لمن تُحِبُّ … يداها ماء يخالفُ الجفاف … ووجودها بَرَكةٌ مستفيضة دون عمد لتليق بها الطّاعات … حيثما تَوَجَّهَت تتبدل الوجهات لِتُوَجِّهُهَا إلى وجهتها إن هي أخطأت الوجهة … بينما تغدو وجهتي إليها جميعَ الوجهات … أمي كمّادتي … ودفءٌ عظيم فور قدوم الصقيع الذي يحترف الانسياب كي يأتي على حيلة الجسد … أمي لا تشبه أحدًا … لكني أشبهها … سخيّة بالدّمع الذي لم يفشل يومًا بالاستيلاء على صلابتي وفضحِ نتوءات ظهري … حُزنُها ضَعفي … وفرحُها جلّ أهدافي … في مرّة ذهب أبي إلى الصيد عندما كنت صغيرًا رفقة رفاقه بسيارة “الشّيفي – شفروليت بيك أب” فأَخذْتُ قنينةَ عطرٍ جلبتُها إليها بعيد الأُم وخَرَجتُ إلى الشارع كي أرميها بصفاقةٍ محطِّمًا إيّاها للانتقام من حرماني الرّحلة، ولا زلتُ نادمًا بسبب فِعلَتي على الرغم من مضي سبعة وعشرين عامًا … لا مكان في ضميرها للحقد … غفرانُها نَشِط ونسيانها مضاد حيوي يدرأ عنها وإخوتي الكُره … هي خبزي الطازج دائمًا … رُوحٌ مِن عَظَمةٍ تُطَمئنُني على الدّوام … وشيءٌ أعلى من السّماء فيسمو على مقاصد العلماء ويبقى ظاهرة … يا إمّي … سائر عمري وسبب عَيْشِي … يا إمّي … راحتي التي تهوّن علي ندبات الابتعاد … يا إمّي … لبّ روحي التي تنازعني للذهاب إليكِ …

#ربيع_أبو_حسان

كاتب مستقل - مؤسس ورئيس تحرير موقع رَاءٍ

أقلام الأرض

عرش الملح البائد

Published

on

الملح، مادة رخيصة جدَّا في الأسواق حول العالم، فبضع ليرات في سوريا رغم التضخم تستطيع شراء ما يسد حاجتك منه لشهور عديدة، حتى أصبح في أيامنا هذه مثالًا يُضرب للتعبير عن انخفاض قيمة وسعر شيء معين في كثير من الثقافات نجدهم يقولون “بسعر الملح” أي أنه رخيص جدَّا، وعند وصف أحوال شخص معين بأنها شديدة السوء يقولون “يشحذ الملح” أي انه لا يملك شيئًا.

ولكن قديمًا عاش الملح عصورًا من الازدهار، وبلغ من المكانه الرفيعة ما خوله ليكون سببًا للكثير من الحروب والثورات عبر التاريخ، حتى أصبح قيمة رمزية ومدلولًا ثقافيَّا للكثير من المفاهيم عند البشر، فالعلاقة التي نشأت بين الإنسان والملح يصعب فهمها، وليس من السهل إدراكها ومعرفة السر الحقيقي وراء هذه الرمزية للملح عند البشر.

بدأت حكاية الملح قبل 10 آلاف سنة عندما اكتشف الإنسان قدرة الملح على حفظ اللحوم، ومن هذه الخطوة كانت بداية الحضارة الإنسانية عبر الزمن حتى اكتملت في أيامنا هذه على شكل الذكاء الصناعي.

استخدم الآشوريون الملح في التكتيك الحربي حيث كانوا ينثرون الملح على أراضي أعدائهم كلعنة تحل من السماء لجعلها غير صالحة للزراعة ويسهل عليهم دخولها.

وعند الفراعنة اعتنق الملح فكرة الخلود ودخل في أسرار التحنيط لحفظ الجسد في حياة أبدية، وبالرغم من هذه المكانة الرفيعة عند الفراعنة لم يشبع الملح غريزته السادية لينتقل إلى أوروبا فتُشَقّ له الطرقات الخاصة بين المدن الأوروبية ليسهل الحصول عليه، وبحسب بعض الباحثين قالوا إن الجنود الرومان كانوا يقضبون معاشاتهم بالملح، ومن أهم أسباب الثورة الفرنسية كانت الزيادة التي طالت أسعار الملح، وفي تلك الفترة كانت عقوبة السجن المؤبد لمن تثبت إدانته بتهريب الملح، ذلك ان “القانون ملح الأرض”.

وفي القرن السابع عشر في بريطانيا كانوا يختارون رجلًا ذا مكانه رفيعة للوقوف أمام جثة الميت لتناول قطعة من الخبز والملح لامتصاص ذنوب الميت، وبين مدينتي مدراس والاينداس بنى البريطانيون جدارا بطول 2300 ميل وفرزت بريطانيا 12 ألف جندي لحراسة الجدار لمنع تهريب الملح.

وفي عام 1930 كانت حفنة الملح بيد غاندي الشرارة التي أشعلت التمرد الشعبي الذي أدى إلى استقلال الهند عن بريطانيا .

وهناك في روسيا انتفاضة عرفت باسم “عصيان الملح” أيام القيصر أليكس الأول، وفي الحرب الأهلية الأمريكية كانت محاولة احتكار الملح نقطة قوة لدى الطرف المسيطر، وطبعا تكثر الحكايات بين الشعوب والقبائل عن الملح ورمزيته، وبرأيي ربما من هذا السياق التاريخي لمكانة الملح العميقة في الحضارات البشرية انتقلت إلى الشعوب العربية رمزية الخبز والملح التي تؤكد الصداقة والعلاقة القوية بين شخصين من القول “خبز وملح”، ولكن هذه حكاية الملح المختصرة التي بدأت قبل 10 آلاف سنة وانتهت مع حلول عصر الصناعة، حيث أصبح الملح في ذمة التاريخ هو ورمزيته وانحصر في جملة يتداولها الطهاة مفادها: “الملح حسب الرغبة”.

أكمل القراءة

أقلام الأرض

في السويداء … ما عاد للأمنيات شجرة

Published

on

تسود في سوريا عمليات التحطيب والقطع الجائر للغطاء النباتي منذ بداية الحرب، حيث تم إعدام ملايين الأشجار الحراجية والمثمرة في جميع المناطق السورية، حتى وصلت غزوات الحطابين إلى الأشجار التي تشكل رمزية خاصة عند بعض السوريين.

في محافظة السويداء جنوب البلاد، تقع شجرة الأمنيات على طريق ظهر الجبل عند منطقة عين المرج، وهي شجرة بلوط معمرة اكتسبت رمزية خاصة وعُرفت عند الأهالي والأطفال بقدرتها على تحقيق الأحلام، يقصدونها بغرض تحقيق أمنياتهم المؤجلة كالحب والزواج أو طلبًا للوفرة المادية، ويعلِّقون على أغصانها قطعًا من ملابسهم أملًا بأن تنمو أحلامهم وتثمر كلما نمت أغصان الشجرة وأثمرت، فهي رمزٌ للأمل ومقصدٌ للراحة والاستجمام النفسي للهارب من ضيق الحياة وصعوباتها.

وبصرف النظر إذا كانت شجرة الأمنيات حقيقة أم بدعة، فلها في قلوب الناس مكانة لم تشفع لها عند قلوب الحطابين الذين قطعوا الشجرة واجتثوها، ضاربين بعرض الحائط أمنيات الناس وأحلام أطفالهم المعلقة على أغصانها، لتغدو شجرة الأمنيات في بزار الحطابين، وتتبعثر الأمنيات رغم براءتها، في بلدٍ كأنه أصبح يقول أن الحلم فيه مستحيل، والأمنية ممنوعة!

أكمل القراءة

أقلام الأرض

تحذيرات من كوارث تتربص بمستقبل البشرية على كوكب الأرض

Published

on

لا تخفى على أحد درجة التطور التي بلغتها البشرية والتي توّجها مؤخرًا الذكاء الصناعي بقدرته وإمكانياته اللامحدودة في تأمين الخدمات وتوفير سُبل الراحة والرفاهية بالكثير من المجالات، حيث يعيش الإنسان الآن موجة من الإنجازات التي توحي بأن المستقبل زمن قادم للعيش الرغيد.

لكن هذه الإنجازات بُنيت وتطورت على حساب البيئة وقوانينها التي بدأت تنذر بالكوارث والحوادث البيئية المتطرفة إذا استمر الإنسان في انتهاك البيئة وتخريبها، فجميع الدراسات والتقارير التي استهدفت دراسة المناخ ومستقبله على كوكب الأرض لم تبشر خيرًا ودقت ناقوس الخطر لمستقبل الإنسان على الكرة الأرضية.

ففي دراسة استهدفت تغير المناخ وأثره على صحة الإنسان، خلصت الدراسة إلى أن تغير المناخ يسبب الكثير من المتاعب الصحية بشكل مباشر، وأكد الخبراء أن لتغير المناخ أثرا كبيرا على انتقال الأمراض المعدية وخاصة الفيروسية منها.

وكشفت دراسة أخرى أجرتها منصة غلوبال سيتيزن المعنية بقضايا المناخ والفقر أن 40 في المئة من إجمالي المحاصيل الزراعية الصالحة للأكل عالمياً مهددة بالإنقراض نتيجة التغيرات المناخية.

وأوضحت دراسة غلوبال تشانغ بيولوجي إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى انخفاض قدرة المزارعين البدنية، والأحداث المتطرفة للطقس ستؤدي إلى إنخفاض إنتاجية العمل بنسبة 40 في المئة في نهاية هذا القرن.

وهناك دراسات عديدة تناولت تأثير المناخ السلبي على الاقتصاد العالمي وانهيار الشركات الكبيرة، وخصوصا شركات التأمين الكبرى، نتيجة تعويض المتضررين من الحداث البيئية مستقبلًا.

وجميع هذه الدراسات دعت العالم شعوبًا وحكومات إلى الوقوف أمام واجباتها البيئية من خلال حماية البيئة وقوانيها والتوقف عن تدمير النظم البيئية لتبقى الكرة الأرضية مكانًا صالحًا للعيش البشري والحيواني والنباتي قبل فوات الأوان.

أكمل القراءة

آخر الأخبار