أسرة الأرض

رَبِيع أَبُو حَسَّان

Published

on

أمضيت جل حياتي في العمل الإعلامي حتى قبل أن أختصه أكاديميا، اجتهدتُّ ودربتُ نفسي جيدا على التمرس في هذه المهنة، خضت غمار العمل الصحفي في أوقات السِّلم، وفي أشدها حربًا … جلتُ بحياتي كثيرا من أصقاع الأرض، عاشرت الصالح من الناس وعرفت الطالح منهم، حتى غدت تجربتي في الحياة المهنية والإنسانية عميقة حكيمة بليغة الأثر على نفسي ومن حولي.

وإنِّي إذ أكرس نفسي لعائلتي ومن أحب، فقد نذرت حياتي لمخلوقاتٍ لا حول لها كي تذود عن أنفسها الأخطار التي تتربص بها وهي براءٌ من عِقاب الأرض لساكنتها براءة الذئب من دم يوسف … نحن إن احتجنا أوراقا لنكتب عليها نصنع الكراسات فنقتلع شجرة … لو ابتغينا أن تمشي مركباتنا حفرنا الأرض … وعندما استشعرنا خطر شح المياه ابتكرنا السدود فتسببنا بالعطش لبعضنا البعض وجعلنا ثقل المياه المجمعة في مكان واحد عبئا على وجه البسيطة التي لم تصمت إزاء هذا التصرف فردَّت علينا بالهزات والزلازل … ملأنا الأرض بالمصانع التي ما فتئت تبعث بأبخرتها السامة فاحترَّ داخل الأرض، فما كان من الأخيرة إلا أن تبرِّد نفسها بتفجير البراكين ونفث الحمم كي تتنفس.

أختلي بالأرض أحيانا وأتحدث إليها … لدي القلم والإحساس … أسامرها فترمقني بعينها الدامعة مغتبطة لأن ثمة من عليها يحبها حبا جمًّا … أبدأ بالتساؤل دائما في كل مرة أتجاذب وإياها أطراف الحديث متمعِّنا بشريط حياتي الذي لا أرى فيه إنجازا واحدا يمت بصلة لما نذرت حياتي لأجله … أطالع الشجر وأوراقها، هذه المخلوقات البريئة التي عنيتُ، أمنحها قلبي، أهبها روحي … الآن لا سبيل لدي سوى أن أراقبها … أنا رَاءٍ لها دون أن أشيح عنها النظر، كيف لي أن أحميها؟

بدأت بمنصة، وأواصل النثر الذي يفجر ملكات ما بداخلي كي أبقى مستمسكًا بعروة الغاية الوثقى من وجودي … أواصل الكتابة … قلمٌ وكاميرا بيدٍ، والأخرى على ثرى الأرض … أنا رَاءٍ … أنا ربيع أبو حسان

آخر الأخبار

Exit mobile version